
في البدانة و جراحتها (1)
يعتبر مرض البدانة من أكثر الأمراض سرعة في الانتشار وأكثرها اثارة للجدل في عصرنا ولا سيما عند الحديث عن الاسباب والعلاج.ويعرف المرض طبيا بأنه:مرض ،مزمن،مترقي،مهدد للحياة،له علاقة بالوراثة ،متعددالأسباب،يتظاهر بشكل ازدياد في تخزين الشحوم في الجسم(زيادة عدد الخلايا الشحميةو/او حجمها)،يؤدي الى العديد من الامراض المرافقة ،مكلف العلاج.
ويعتبر المرض حسب منظمة الصحة ثاني سبب للوفاة التي يمكن تجنبها(بعد التدخين).ويتضاعف عدد المصابين به عاما بعد عام ولاسيما في الدول النامية والشرق الاوسط(حيث ان الدول المتقدمة بدأت بالسيطرة على نسب زيادته).ولعل ما يميز هذا المرض أنه لا يمكن اخفاؤه عن الناس وان نتائج علاجه تظهر جلية للعيان،وبخلاف كثير من الامراض غيره لا يؤثر هذا المرض صحيا على المريض فقط بل يؤثر عليه اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا وقد يكون احد هذه التأثيرات اشد وطأة من التأثير الصحي.
ولنبدأ اولا بأسباب البدانة :يوجد في الواقع القليل من الأسباب المعروفة التي تسبب البدانة، أحد هذه الأسباب هو العامل الوراثي و المورثات ،فقد أظهرت العديد من الدراسات في الماضي أن البدانة مرض تتناقله الأجيال ضمن بعض العائلات بشكل خاص أي أنه شيء مرتبط بالجينات فإذا كان أحد الأبوين أو كلاهما بديناً فهذا يعني أن الابن لديه (فرصة أكبر )لكي يكون بديناً (الطفل الذي يولد لأبوين مصابين بالبدانة سيصاب بهذا المرض في 80 % من الحالات )ولكن هذا بالطبع لا يعني أن كل ابن لأب أو أم بدين سيصبح حتماَ بديناً فالعامل الجيني هو أحد العوامل الرئيسية و هو يلعب دورا لا خلاف عليه،على أن الزيادة الكبيرة في نسبة الأشخاص المصابين بالبدانة لا يمكن تفسيرها فقط بالعامل الوراثي بل هناك بالتأكيد عوامل لها علاقة بتغير أنواع الأطعمة والثقافة الغذائية ونمط الحياة ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى زيادة انتشار البدانة هو تناول الطعام الدسم (الغني بالمواد الدسمة )بشكل منتظم و يومي . فالطعام الغني بالشحوم عند تناوله بكميات كبيرة يعتبر أحد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى البدانة، وأحد النصائح التي يمكن إتباعها لكي لا يصاب الإنسان بهذا المرض هو أن يحدد كمية الأطعمة الدسمة المتناولة بشكل يومي و التوجه نحو الطعام الصحي الغني بالخضر والفواكه و غير المصنع ،و من العوامل التي تلعب دوراً في حدوث البدانة هو معدل الإستقلاب عند الشخص فالأشخاص الذين لديهم معدل إستقلاب بطيء سيدخلون في معركة حقيقية للتخلص من البدانة أو لعدم الحصول عليها ، بينما سيكون الأمر أكثر سهولة عند الأشخاص الذين لديهم معدل إستقلابي سريع.
نمط الحياة هو أيضاً عامل من العوامل التي تظهر بشكل واضح في مرض البدانة فالمرضى الذين يمضون وقتاً طويلاً من حياتهم في الجلوس سيكون لديهم إحتمال إصابة بالبدانة أكثر من الأشخاص الذين يمضون يومهم في التنقل من مكان إلى آخر (المشي) او القيام بالأعمال التي تتطلب جهدا عضليا،وقد أظهرت الدراسات أن نصف ساعة من الرياضة يومياً قد تقي من الإصابة بالبدانة. اما الاسباب الطبية كتناول بعض الأدوية او المرضية كبعض الأمراض(قصور الغدة الدرقية) فهي سهلة التشخيص والعلاج عادة وتزول بزوال المسبب او تناول العلاج المناسب .
و قد تلعب الحالة النفسية دوراً عند بعض الأشخاص فالأشخاص المكتئبون يميلون أكثر نحو تناول كميات كبيرة من الطعام علاوةً على ذلك ينحو هؤلاء عادةً إلى عدم القيام بالتمارين الرياضية أو بالنشاط الفيزيائي اليومي المعتاد وخاصة إذا كان الاكتئاب مسيطر عليهم.من جانب اخر يميل بعض الاشخاص المرحين للاصابة بالبدانة لانهم يستمتعون بمباهج الحياة (ومنها الطعام) أكثر من غيرهم.واخيرا تدفع مجتمعات كمجتمعاتنا الشخص للاصابة بالبدانة دفعا ففي الافراح (ادامها الله)نأكل وفي الأتراح( بعيد الشر عنكم)نأكل و في النزهات نأكل وفي السهرات نأكل وفي .. وفي… وفي….و الاكل على قدر المحبة؟؟؟؟
والى لقاء قريب ان شاء الله….
د.عبد الرحمن حمادية اختصاصي جراحة بدانة
مقال نشر في الفيسبوك